لقاء جديد جمع القاضيين الحجار وبيطار... ولا مؤشر لاستئناف تحقيقات المرفأ

العتمة تتحكم في المسرب المؤدي الى مكاتب قضاة محكمة التمييز لغياب التيار الكهربائي الواحدة بعد ظهر الجمعة مع انتهاء الدوام الرسمي بخلاف أيام العمل من الأسبوع حيث التغذية تستمر حتى العصر. نفهم ان المصاعد متوقفة للصعود إلى طبقاته من دون ان تجدي الإتصالات الا لتشغيل مصعد واحد في هذه المدينة المُغلقة. كان النائب العام التمييزي القاضي جمال الحجار انتهى للتو من جلسة تحقيق في ملف الطوابع البريدية فيما في المقلب الآخر ينصرف قاضي التحقيق العدلي طارق بيطار في ملف إنفجار المرفأ في مكتبه إلى برمجة ملفه وقد شارف ترتيبه على الإنتهاء. وبالكاد كان يرى أحرف الصفحات المنتشرة بالمئات على مكتبه تحنن عليه نور خجول ينبعث من النافذة داخله. حتى الكهرباء ليست على ما يرام معه عندما يحضر الى مكتبه وتحول دون متابعة عمله تماماً بل اقل من التمكن من تمييز وجوه حرسه المنتشرين في محيطه. ترى هل انقطاع الكهرباء في مقر رسمي تابع للدولة إيذاناً بإنتهاء العمل ولا يهم إن كان القاضي لا يزال يعمل أو لوقف عمله عن قصد ما يرغم القاضي على وقف عمله كحال الملف الذي بين يديه يمشي في حقل ألغام من التعقيدات التي واجهها ولا يزال من دون ان تحظى محاولة إستئنافه بالنجاح حتى الساعة رغم أن القاضيين الحجار وبيطار يثابران على الإلتقاء وكان إجتماع جديد أمس بين الرجلين وستتوالى اللقاءات بينهما فلا خلاف شخصي بينهما إنما يبدو إختلاف في وجهات النظر . ويبدو ان هذا التشاور المستمر بينهما لم يصل إلى حد يحمل على القول سوى أن حاجز التلاقي بين المحقق العدلي والنائب العام التمييزي ازيل فحسب في سلسلة العقبات القانونية والسياسية التي لا تزال مرابضة. كل على موقفه حتى الآن. وفي السياق تلمح مصادر قضائية الى أنه جرى البحث عن مخرج مبني على العقل والحد الأدنى القانوني دون التوصل إلى ما يمكن ان يؤدي إلى إستئناف التحقيق في هذه القضية أقله راهناً. فثمة منحى ثابت لدى التحقق العدلي في هذه القضية مآله عدم تصنيف المدعى عليهم من سياسيين وقضاة ومسؤولين امنيين سابقين وحاليين بإعتبار ان صلاحية محاكمتهم ، في حال صدر القرار الإتهامي بإتهامهم، تعود الى المجلس العدلي وليس امام مرجعية كل منهم من المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء الى هيئة قضائية خاصة يمثل امامها القاضي ،وكذلك الامر بالنسبة الى الأمنيين امام المرجع الصالح لمحاكمتهم في القضاء العسكري على الأرجح، وذلك بخلاف موقف النيابة العامة التمييزية منذ إحالة ملف المرفأ على المجلس العدلي بفصل ملفات هؤلاء عن المدعى عليهم العاديين وإحالتها على المراجع المذكورة تبعاً للصلاحية. ويشار في السياق انه يعود الى النيابة العامة العدلية ان تطلب في مطالعة فرعية أو في الأساس طلبات إضافية بالإدعاء او منع المحاكمة عن مدعى عليهم . وتشير مصادر حقوقية في هذا المجال الى ان طلبات النيابة العامة العدلية غير ملزمة للمحقق العدلي.

وما أوحى بانسداد الأفق أمام إستئناف التحقيق في ملف المرفأ، مع إقتراب ذكرى الرابع من آب، التصعيد الذي شهده تجمع أهالي الضحايا أمس امام قصر العدل من حرق إطارات وتطور الأمر الى إقفال المدخل الرئيسي الخارجي لقصر العدل. هذا المشهد إستوقف مصادر قضائية لتتساءل ماذا سيكون عليه الأمر في حال تجمع أهالي ضحايا المرفأ من الفريق الثاني امام قصر العدل وقاموا بالفعل ذاته ؟.

لا يحسد القضاء على الكرة السياسية التي رميت في ملعبه وإلقاء التبعة عليه في وقت تحول هذه الكرة نفسها دون تحقيق طلبات دنيا . فالقاضي الحجار ملزم بمتابعة عمله كنائب عام تمييزي وفي الوقت نفسه يلزم نفسه التحقيق بملفات ساخنة من دون تأمين انتداب قاضيين يؤازرانه في مهمته كفريق عمل أي مسؤول جديد يتسلم مركزاً متقدماً. وتحول الخلافات السياسية حتى الساعة دون إنتداب قاضيين لهذه الغاية. وأبدت اوساط في قصر العدل خشية من عدم تحقيق مطلب القاضي الحجار بإزاء ما ينتظره على طاولة العمل من تحديات، وهو ما إضطره إلى أن يعكف بذاته على التحقيق بنفسه لجلاء الشائعة التي إنطلقت كالنار في الهشيم وإستهدفت الفنان المصري عمرو دياب بعد الحفل الذي أجراه في وسط بيروت ، ليتبين عدم صحتها بعد تحقيق فوري أجراه وإطلاعه على المستندات اللازمة التي أظهرت انها مجرد شائعة. واليوم حقق لساعات مع ثلاثة موظفين ماليين في المحاسبة في موضوع ازمة الطوابع البريدية في ضؤ تقرير ديوان المحاسبة. والإنطباع الأولي ان هذا المصدر الوفير الذي يدر بالملايين على الخزينة العامة يتعرض للإحتكار ما يجعل حاجة المواطن الى الطابع البريدي لإنهاء معاملته ملزماً دفع السعر الذي يفرضه المحتكرون في السوق.

ولجهة التحقيق الذي باشره القاضي الحجار في ملف الإعتماد المصرفي تبين ان فرقة من قوى الأمن الداخلي دهمت منزل مدير المصرف طارق خليفة لتنفيذ مذكرة الإحضار الصادرة في حقه عن النائب العام التمييزي ، ولم تعثر عليه، بحسب أوساط قضائية، علماً أن القاضي الحجار كان اصدر قرارات بمنع سفر عدد من المسؤولين في هذا المصرف.