لهذه الأسباب لن يحضر ميقاتي مؤتمر بروكسيل

لا يزال ملف النازحين السوريين يطغى على ما عداه، بعدما خطف نجومية كل الملفات في الآونة الأخيرة، وبات العنوان الأبرز على الساحة الداخلية، خصوصاً بعد الأحداث الأمنية والإرتكابات والإعتداءات التي حصلت، أضف إلى هبة المليار يورو، التي حركت المياه الراكدة وكادت ان تفجر الوضع السياسي برمته، ترابطاً مع لقاء بكركي الذي خُصص لهذه الغاية، وبانتظار مؤتمر بروكسيل وما سيسفر عنه من نتائج، يعوّل على الدور الكبير الذي يضطلع به الأمن العام من إقفال المحال التجارية للنازحين السوريين، واتخاذ إجراءات حاسمة في بيروت وكل المناطق اللبنانية، الأمر الذي دفع رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع إلى شكره على هذه الخطوة، بعدما كانت له مواقف مغايرة تجاه المدير العام للأمن العام بالإنابة اللواء الياس البيسري.

في السياق، تركت عدم مشاركة رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في مؤتمر بروكسيل تساؤلات كبيرة، لاسيما أنه هو من رعى في السرايا لقاء المفوضية الأوروبية وهبة المليار يورو. والسؤال المطروح وفق المتابعين والمواكبين: هل الحملات التي استهدفت ميقاتي دفعته إلى عدم المشاركة؟

توازياً، تكشف مصادر سياسية مطلعة أن ميقاتي درس خطواته بعناية فائقة، وهو المشهور والمحترف في تدوير الزوايا والتنصل من هذا الملف أو ذاك بأقل قدر من الخسائر، وخبرته باتت كبيرة في هذا الكار، ما يعني ان مؤتمر بروكسيل قد يكون تقنياً وليس سياسياً، ولا لزوم لمشاركة رئيس الحكومة، مع الإشارة إلى أن تكليف الحكومة اللواء البيسري متابعة ملف الموقوفين السوريين، وصولاً إلى الدور الذي يقوم به الأمن العام، ومن ثم مشاركة وزير الخارجية عبدالله بو حبيب ممثلا لبنان، فذلك كافٍ على صعيد المتابعة والمواكبة الأمنية واللوجستية والتقنية وكل ما يتصل بملف النازحين السوريين، إذ ترى أوساط السرايا أن عدم مشاركة أو ذهاب ميقاتي إلى بروكسيل لا يعني أنه لن يتابع الملف المذكور، بل هو على تواصل يومي مع الجهات المعنية في الخارج والداخل، وما خطوات الأمن العام التي بدأت تعطي ثمارها إلا دليل على هذا الإنجاز. وعليه فإن رئيس حكومة تصريف الأعمال أبلغ سفيرة الإتحاد الأوروبي لدى لبنان ساندرا داولوتي، أنه لن يحضر مؤتمر بروكسيل الثامن بشأن دعم مستقبل سوريا والمنطقة، وان الوفد اللبناني سيكون برئاسة وزير الخارجية، ما يدل الى أن جملة اعتبارات أدت إلى استنكاف ميقاتي عن المشاركة في هذا المؤتمر، وخصوصاً أنه ليس بالسياسي أو لديه مقررات مفصلية حول موضوع النازحين، وباستطاعة الوفد اللبناني وتحديداً برئاسة الوزير بو حبيب، التعبير عن الوضع اللبناني برمته وكل ما يحيط بملف النازحين. وثمة ورقة لبنانية متكاملة تشرح بدقة ما آل اليه هذا الملف، لكن من الطبيعي ان الأوساط المقربة من الرئيس ميقاتي لا ترغب في الغوص بعدم حضوره، وهو سيواكب موضوع النازحين مع الجهات المعنية في الداخل والخارج، والأهم، ما عرضه مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، بأن لا تتحول جلسة الأربعاء إلى جلسة تفجيرية بوجهه، وعلى هذه الخلفية، لا يريد رئيس الحكومة أن يكون "كبش محرقة" في هذا المجال، لاسيما بعد اتفاق السرايا مع المفوضية الأوروبية على هبة المليار يورو، وإنْ كانت غير محسومة النتائج حتى الآن.

النائب السابق علي درويش يقول لــ"النهار"، إن "عدم مشاركة الرئيس ميقاتي تعود لجملة اعتبارات، إذ ليس هناك من مشاركين على مستوى رجال الدولة أو رؤساء حكومات، لذا اقتصر الوفد على أن يكون برئاسة وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بو حبيب، وقد تكون ثمة ظروف أملت عليه عدم الحضور بعد الحملات التي طاولته، وهذه مسألة بحثها مع رئيس مجلس النواب، لاسيما حول الترتيبات الآيلة الى نزع فتيل تفجير جلسة الأربعاء"، كاشفاً أن "الورقة السورية التي وصلت إلى الخارجية اللبنانية تعتبر إيجابية، وتم الرد عليها بسلسلة عناوين إيجابية سجلت في الآونة الأخيرة من موقف رئيس الحكومة إلى بعض القيادات والمرجعيات السياسية، بمعنى أن يكون ثمة تفاهم وتواصل وتنسيق بين الحكومتين اللبنانية والسورية حول ملف النازحين".

ويختم درويش انه "بالعودة إلى عدم حضور ميقاتي مؤتمر بروكسيل، فإن سوريا المعنية بمواطنيها، أي النازحين، أعتقد أنها غير مشاركة في المؤتمر المذكور، وهذه الأسباب والدوافع أدت إلى عدم مشاركته في المؤتمر".