ليلة طالعة من القلب مع زين العمر في كازينو لبنان

هي ليلة أقل ما يقال عنها أنها خارجة من القلب ومتوجهة مباشرة الى القلوب المتعطشة للفن الحقيقي والزمن الجميل .
 قد تكون من المرات القليلة التي أعجز فيها عن وصف الفرح الذي غمر ولف صالة السفراء في كازينو لبنان التي أشعلها النجم وأيقونة الاغنية الشعبية اللبنانية زين العمر أولا بمحبته وعاطفته الصادقة التي كانت واضحة من خلال تواصله العفوي مع جمهوره الامر الذي بتنا نفتقده مع الفنانين الذين ينقصهم الكثير لكي يستحقوا لقب النجومية.
 بالأمس كزدرنا وطال المشوار على دروب الذكريات الجميلة وعدنا الى مقاعد الدراسة عندما غنى "زتي عنك هالمريول" وصفقنا طويلا وطويلا جدا لعايل التي دغدغت فينا الحنين الى الحب الاول.
ولان الوفاء من شيم زين العمر كانت التحية للموسيقار الراحل ملحم بركات حيث ادى أغنياته باحساس كبير لا سيما أغنية "يا صمتي" التي حمّلها بصوته الم الوطن الموجوع والالام شعب طال ليله.
زين العمر كعادته لم ينسى جيشنا البطل  المنتشر على كامل تراب ال10452كلم وقدم اروع الاغنيات الوطنية  فانساب صوته الماسي بسحر غريب أثناء تأديته رائعة الاخوين رحباني بتتلج الدني فاشتعلت القاعة بالتصفيق الممزوج بذاك الشعور الوطني خصوصا ان هذه الاغنية كانت قد وضعت خصيصا للجيش اللبناني في أواخرالخمسينيات واوائل الستينيات من القرن الماضي كتحية لجيشنا البطل بعد محاولة الانقلاب الفاشلة التي قام بها انذاك قوميون سوريون ودفع فيها الجيش سبعة شهداء من عناصره.
وما زاد ليلنا فرحا هو فرقة الدبكة التي رافقت حنجرة زين العمر معيدة الى الاذهان مشاهد فرق الدبكة اللبنانية على ادراج بعلبك وما أجملها لحظة حينما صرخ  زين العمر لفرقة الدبكة "وينن البعلبكية".
باختصار عوامل كثيرة ساهمت في الابهار الذي شهده كازينو لبنان بالامس أولا الحضور المميز للفنان زين العمر وللاغنية اللبنانية بنوع خاص اضافة الى الشوق الكبير بعد الغياب الطويل .
الديكور الذي زين الشاشات والذي كان يتغير مع كل اغنية بحسب لونها ومضمونها الامر الذي أضاف الكثير من الرومانسية الى الحفل .
دقة التنظيم وحسن الاستقبال للحاضرين الذين كان بينهم العديد من الفعاليات السياسية والاعلامية والاجتماعية ما يدل على ان الفنان زين العمر يجمع كل الفئات المجتمعية وهذا نادرا ما نجده في الفنانين اللبنانيين في يومنا هذا حتى من الذين يسمون انفسهم صفا اول.
ووراء كل هذا العمل هناك النصف الاخر لزين العمر ورفيق العمر والجناح الذي لا يمكن التحليق من دونه ايلي حدشيتي الذي لم تغب عينه لحظة طيلة فترة الامسية عن كل شاردة وواردة فكان يتابع ادق التفاصيل حتى تسير الامور بالاتقان الذي تميز به الحفل.
وبعد حفل الامس من البديهي ان يتوجه السؤال الى منظمي المهرجانات والحفلات الكبيرة في لبنان لماذا تغييب هذا المستوى اللبناني العالي من الفنون واستدراج الفنون الهابطة من الخارج.
لماذا استثناء من هو مؤتمن على الاغنية والتراث الشعبي اللبناني واستقدام هويات فنية لا تشبه لبناننا ؟
في المحصلة فان الاغنية اللبنانية والهوية اللبنانية أخذت قسطا كبيرا من الاوكسيجين بالامس وعادت اليها الحياة ولو لساعات قليلة.
بيار البايع