مأتم مهيب لنقيب المحامين السابق ميشال خطار... فادي مصري: يوم كاد الوطن يتحوّل إلى قبائل متناحرة كنت رمزاً لكل معاني الجرأة والشهامة

ودعت نقابة المحامين في بيروت النقيب السابق للمحامين الشيخ ميشال خطار في مأتم مهيب اقيم ظهر اليوم في كاتدرائية القديس جاورجيوس في وسط بيروت.

ترأس صلاة الجنازة راعي الابرشية المطران بولس عبد الساتر يعاونه لفيف من الكهنة وحضرها ممثل رئيس مجلس النواب النائب محمد خواجة وممثل رئيس الحكومة وزير العدل القاضي هنري خوري والرئيس الشيخ امين الجميّل وقرينته السيّدة جويس الجميّل، ورئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود ومدير عام وزارة العدل القاضي محمد المصري ورسميون وممثلون لقطاعات مختلفة.

كما شاركت العائلة النقابية يتقدمها نقيب المحامين فادي مصري والنقباء السابقون واعضاء مجلس النقابة الحاليون والسابقون وحشد من المحامين.

وقد القى المطران عبد الساتر كلمة عدد فيها مزايا الفقيد الكبير وتحدث عن خصاله مركزاً على قوة ايمانه وتحمله للصعاب ونضاله المهني والنقابي والوطني.

بعد الصلاة، وجه المحامي المتدرج يوسف نجيب خطار كلمة الى جده الراحل باسم العائلة، ثم القى النقيب فادي مصري كلمة رثى فيها النقيب الراحل باسم نقابة المحامين.

بعد ذلك، حمل النقيب والنقباء السابقون والاعضاء نعش الفقيد الكبير الى خارج الكاتدرائية لينطلق موكب التشييع الى مسقط رأس النقيب خطار في عينطورين (شمال لبنان).

وكانت كلمة لنقيب المحامين في بيروت الأستاذ فادي مصري جاء فيها:

الحضور الكريم،

أقف اليوم بتهيّب أمام نعش رجل أُعطي الكثير من الرب خالقه وأعطى بدوره الكثير فلم يطمر الوزنات بل استثمرها. وها هو الآن، في حضرة السيّد، يعيد له وزنات كثيرة ربحها، فلا بد أن يكون دخل من اليوم فرح سيّده إذ كان اميناً على القليل وسيقيمه على الكثير.

أيها الراحل الكبير،

هنيئاً لك قوسك الأخير حيث عدالة الله الذي يكرّمك ويجلك على عرش مملكة النزاهة والجدارة والعزة والعنفوان.

أنت لست بحاجة إلى تكريم البشر، فالله يخص من أجاد زرع الوزنات بمكان أقرب ما يكون إلى القديسين والأبرار.

ملأت قاعات المحاكم مرافعات دفاع عن حقوق استمت لتحصيلها. عملت كثيراً بجد وتعب فكنت وفياً لمهنة أحببتها وكرّست حياتك لخدمتها وقد مارستها بمهنية وأمانة وصلابة وكانت أيضاً وفية لك فعرفك زملاؤك محامياً لامعاً وقدوة لأجيال من المحامين افتخر بهم يتبوؤن أعلى المراكز ويسيرون على درب النجاح.

يا أعز الراحلين،

يوم كاد الوطن يتحوّل إلى قبائل متناحرة،

يوم كانت الكلمات على لسان البعض خناجر،

يوم فُقدت المروءة وكادت الغلبة تكون لقوى الحقد والشر،

كنت رمزاً لكل معاني الجرأة والشجاعة والشهامة، تقتحم الصعاب بتبصّر متسلحاً بالإيمان والعلم والمناقب ولا تتقن إلا ابجدية واحدة هي ابجدية لبنان.

أيها النقيب الكبير لقباً وقيمةً ومكانةً،

كنا وما زلنا نركن إلى حكمتك وإلى رجاحة رأيك وإلى القدرة على سكب المواقف بقالب الحزم حيناً وبأسلوب الإعتدال أحياناً وبمحبة لامتناهية على الدوام.

أيها المشيعون الكرام،

إن هذا الجبل الشامخ شموخ أرز الرب، الذي يختصر تاريخ وطن سطرّ أبناؤه أمجاداً على مر التاريخ،

من الشمال الأبيّ هو، وفي قلب العاصمة عاش وعمل ومات وبنى الشيخ ميشال خطار مملكة الصدق والإستقامة وجاهد الجهاد الحسن في سبيل الحق والعدل والإنسان.

يا أكـــــرم الـــراحلين،

انه يوم وداعك

انه يوم تشييعك إلى مثواك الأخير

لكنه ليس آخر الأيام

فنحن قياميون ونعيش في هذه الأيام زمن القيامة

ونحن فصحيون وما زلنا في فرح عيد الفصح

ونحن أبناء الحياة وأنت أقبلت على الحياة بشجاعة وقوة وحكمة ومحبة!

****

تخرجّ الفقيد من جامعة القديس يوسف للأباء اليسوعيين سنة 1948 وانتسب إلى نقابة المحامين سنة 1949 حيث تدرّج في مكتب النقيب الراحل فؤاد رزق.

كرمه زملاؤه فاختاروه لمرات خمس، منذ العام 1968، عضواً في مجلس نقابتهم، ومن ثم نقيباً لهم سنة 1993، فاشتهر بحزمه وتشدده في الحفاظ على آداب المهنة ومناقبها وعمل بكد على استكمال نهضة النقابة بعد إنتهاء الحرب التي عصفت بلبنان فقاومتها نقابة المحامين بتضامن أبنائها وبوحدتها وبعزيمة النقابيين الذين خدموها وواجهوا العاصفة ومنهم النقيب ميشال خطار.

أسس عائلة افتخر بها وقد سار على دربه في المهنة ولده الحبيب الراحل عنا باكراً المرحوم نعوم الذي وإن كسر غيابه قلب النقيب الكبير إلا أنه لم يقوى على عنفوانه ولا لوى قامته الشامخة ومن ثم استلم الشعلة ولده زميلنا العزيز نجيب الذي يكمّل مسيرته المهنية إلى جانب أفراد المكتب العامر الذي أسسه ورعاه حتى الأيام الأخيرة.

وكان الشيخ ميشال في سنواته الأخيرة حريصاً على استمرارية النقابة وديمومتها مواكباً لعملها وداعماً لأعضاء مجلس النقابة والنقباء المتعاقبين وقد خصني شخصياً بعاطفة خاصة منذ ترشحي لعضوية مجلس النقابة سنة 2020 لغاية زيارته الأخيرة المفاجئة لمكتب النقيب في 2 شباط 2024 يوم عيد دخول المسيح الى الهيكل.

وانني إذ انحني إجلالا أمام ذكراك، أتقدم باسم مجلس نقابة المحامين والنقباء السابقين وزملائي المحامين وبإسمي الشخصي، بأحر التعازي من زوجتك الفاضلة السيدة جاكلين وأولادك نجيب وفريدا وفرح ورياض وعائلاتهم وانسبائك ومحبيك متضرعاً إلى الله تعالى ان ينعم علينا على الدوام بقامات إنسانية ووطنية ومهنية ونقابية تسير على هدى مبادئ النقيب ميشال خطار فيكون بذلك ذكره مؤبداً.