ماذا لو لم تُطبّق إسرائيل قرار مجلس الأمن بوقف إطلاق النّار على قطاع غزّة؟

تبنّى مجلس الأمن، أمس وللمرّة الأولى منذ 7 تشرين الأول 2023، قراراً بوقف إطلاق النار في قطاع غزّة.
 
القرار الذي ينادي بوقف فوريّ لإطلاق النار في قطاع غزّة خلال شهر رمضان، والذي انقضى أكثر من نصفه، تحترمه جميع الأطراف، كونه يؤدّي إلى وقف دائم ومستدام لإطلاق النار.
 
وطالب أيضاً بـ"الإفراج الفوريّ وغير المشروط عن جميع الرهائن"، فضلاً عن ضمان وصول المساعدات الإنسانيّة والطبيّة وغيرها من الاحتياجات الإنسانيّة.
 
وصوّتت 14 دولة لصالح القرار الذي قدّمه 10 أعضاء منتخبين في المجلس، بينما امتنعت الولايات المتّحدة عن التصويت.
 
وما إن تمّ التوافق على القرار حتّى خرجت تقديرات متناقضة حول إلزاميّة القرار من عدمه للأطراف المرتبطة به.
عميد كلية العلاقات الدولية في الجامعة الدولية في ستراسبورغ – فرنسا، ورئيس مؤسّسة جوستيسيا المحامي الدكتور بول مرقص أوضح أنّ القرار الصادر وفق المادة ٢٥ من ميثاق الأمم المتّحدة، لا يقلّ إلزاماً عن قرارات المجلس الآمرة كالقرار ١٩٤٨/٥٤، إلّا أنّ القرار الصادر لا ينضوي تحت الفصل السابع، وما من إجراءات قسرية قاهرة في حقّ الطرف الذي لا يلتزم بتنفيذه، وبالتالي هو بحاجة إلى مفاوضات، ويحتمل الكثير من التأويل".
 
وقال لـ"النهار": "على سبيل المثال عبارة الرهائن هل تشمل أيضًا المعتقلين في السجون الإسرائيليّة؟ هل تشمل المحكوم عليهم؟" مضيفًا: "كلّ هذه الأمور بحاجة إلى توضيح، وأيضًا هناك إشكالية من مثل من يبدأ بتطبيق القرار؟ هل تنتظر الأطراف بعضها بعضاً؟ أو تردّ اللائمة على بعضها بعضاً بالتنفيذ أو كيف؟".
هذه أمور تحتاج إلى توضيح وجهود دوليّة إن لم نكن أمام رفض صريح لإسرائيل لعدم تطبيق القرار، وأعطي مثالًا على ذلك القرار 425 الذي لم يطبّق لعشرين عامًا، على الرغم من أنّه صادر عن مجلس الأمن، وكلّ قرارات مجلس الأمن حسب المادة 25 من ميثاق الأمم المتّحدة لها نفس القوّة والمكانة في القانون الدوليّ.
 
واستبعد مرقص تحويل الأمر تحت الفصل السابع لأنّه سيواجَه بحقّ النقض "الفيتو" الذي تملكه إحدى الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن، أي الولايات المتّحدة أو بريطانيا أو غيرهما، وبالتالي استعمال القوّة في حق إسرائيل أو الحصار الاقتصاديّ أو قطع العلاقات الديبلوماسية لا أعتقد أنّها ستكون موضوع قرار لمجلس الأمن، وربما تحذو بعض الدول لكن لن يكون ذلك مجسّدًا بقرار لمجلس الأمن حسب المعتقد.

أمّا الخبير الدستوريّ الدكتور جهاد اسماعيل فأشار إلى أنّه "من الثابت أنّ قرارات مجلس الأمن، في ماهيّتها، ملزمة سنداً للمادة ٢٥ من ميثاق الأمم المتّحدة الّتي تتعهّد، بموجبها، أعضاء الأمم المتّحدة، بما فيها اسرائيل، بقبول وتنفيذ القرارات الصادرة عن مجلس الأمن الدوليّ، لكنّ درجة الإلزام في القرار ٢٧٢٨ لا تُقترن بأيّ صيغة تنفيذيّة، لأنّها صدرت بناءً على الفصل السادس لا السابع من ميثاق الأمم المتّحدة، ذلك أنّ الصيغة التنفيذيّة تتحقّق في الجزاء المتلازم مع موضوع أو فحوى القرار، ما يُعطي إسرائيل ذريعة التملّص من التنفيذ، انطلاقا من أنّ القرار المطروح لا يُلزمها بالقوّة، كما لا يهدّد بها، وفق ما تقتضيها المواد ٣٩، ٤٠، ٤١، ٤٢، من ميثاق الأمم المتحدة تحت عنوان الفصل السابع".
 
وعن الجزاء المترتّب عن امتناع إسرائيل في تنفيذ القرار، أوضح إسماعيل لـ"النهار": "لمّا كان القرار قد جرى إصداره بناءً على الفصل السادس، فلا يترتّب عن هذا الامتناع أيّ جزاء ما لم يصدر قراراً آخر من مجلس الأمن يُلزمها بالقوّة في التنفيذ، وذلك ضمن دائرة العقوبات العسكرية او الاقتصادية أو السياسية، وهو اعتبارٌ يقتضي من المشرّع الدوليّ أن يتنبّه إليه إن كانت هناك إمكانيّة لتعديل ميثاق الأمم المتّحدة".
 
يُذكر أنّ الخارجية الأميركية أعلنت أنّ الولايات المتّحدة تعتبر قرار مجلس الأمن "غير ملزم" على عكس ما صرّحت به الأمم المتّحدة بأنّه قانون دوليّ وملزم.
 
وقال المتحدّث باسم الخارجية الأميركيّة، ماثيو ميلر، خلال مؤتمر صحافيّ، أنّ "القرار غير ملزم"، كما اعتبر رئيس مجلس الأمن القوميّ في البيت الأبيض جون كيربي، أنّ "القرار غير ملزم"، وبالتالي لن يكون له "أيّ تأثير على الإطلاق على قدرة إسرائيل على مواصلة ملاحقة حماس".