ماذا وراء تحذير بو صعب من التمديد لمجلس النواب ؟

الحديث السابق لأوانه عن تمديد مرتقب للمجلس النيابي الحالي، كما كانت الحال مع المجالس البلدية والاختيارية، يبرّره أصحابه بالأوضاع غير المستقرة في البلد، ولجملة ظروف أمنية وسياسية واقتصادية وسواها، خصوصاً أن ثمة عامين على بدء ولاية هذا المجلس، وهو يسرح ويمرح وسط عجزه عن ملء الفراغ الرئاسي ومن دون التوصّل إلى أيّ توافق داخلي، على الرغم من المساعي الهادفة لهذا الغرض.

وقد يكون نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب، أول من دعا إلى انتخابات نيابية مبكرة، ما طرح تساؤلات عن الهدف من الموقف الذي أقدم عليه، إذ اعتبر البعض أنه مقرّب من رئيس مجلس النواب نبيه بري، وقد يكون وراء هذه الفكرة. ولكن يظهر جلياً أن ليس وراء موقفه سوى اقتناعه، إذ لجملة ظروف واعتبارات يرى المجلس النيابي الحالي غير قادر على انتخاب رئيس للجمهورية، إلى مسائل كثيرة، وقد يكون إجراء انتخابات نيابية مبكرة أفضل الحلول لاستمزاج مواقف الناس وتطلعاتهم ورؤيتهم، وهم أصحاب القرار، بمعنى أن الانتخابات النيابية المبكرة قد تكون خشبة الخلاص، وهي تحصل في دول كثيرة، وأخيراً حصلت في الكويت كما في الأردن أي الدول العربية، ويحدث في كل دول العالم، وأخيراً تقرّرت في فرنسا. لذلك طرح بو صعب يعتبره البعض متقدماً ويمكن البناء عليه، فيما ثمة من يشير إلى أنه محاولة "لزكزكة" رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل بعد قرار التيار فصله، لكن هذا الاجتهاد يرفضه بو صعب وينفيه.

في السياق، السؤال المطروح: هل الغاية من فكرة أو موقف بو صعب للتمديد للمجلس النيابي الحالي، هي أن يدرك ويعرف رئيس التيار البرتقالي مدى حجمه الشعبي؟ خصوصاً في ظل الخلاف المتنامي مع "حزب الله"، الذي كان له الفضل الأكبر في إيصال عدد من نواب التيار في بعض المناطق، وهذا أمر لا يحتاج إلى أيّ قراءة واجتهادات، لكن ذلك لا يستسيغه بو صعب، بل إنه رأى وفق المعطيات والمعلومات المتوفرة، أن انتخابات نيابية مبكرة تعيد انتظام الحياة السياسية والبرلمانية، وخصوصاً أن الناس هم أصحاب القرار ويريدون تجديد الوكالة للبعض وسحبها من البعض الآخر، وقد يكون مدخلاً لإعادة الحياة النيابية إلى ساحة النجمة عبر مجلس جديد بعد إخفاقات على صعيد انتخابات رئاسة الجمهورية ومسائل وعناوين كثيرة في هذا الإطار، لذا قد يخشى نائب رئيس مجلس النواب من التمديد للمجلس النيابي إذا حصل ذلك، على خلفية الأوضاع في المنطقة وخصوصاً حرب الجنوب إلى الشغور الرئاسي وقد يكون انتخب رئيس، لكن ذلك يحتاج إلى وقت لإعادة انتظام المؤسسات، وهذا ما يحبّذه البعض من التمديديين للاستحقاقات الدستورية، لأنهم على بيّنة تامة من أن حظهم في الاستحقاق النيابي المقبل سيكون مغايراً عن المراحل السابقة لجملة اعتبارات في مناطق نفوذهم أو على مستويات أخرى شعبية وسياسية، ما يعني أن التحالفات التي كانت سائدة في ما مضى فرطت، وبناءً على ذلك، فالتمديد للمجلس النيابي لعام أو لعامين وربما أكثر قد يعتقد البعض أنه ينقذه في هذه المرحلة.

مرجع قانوني ودستوري بارز يقول لـــ"النهار" إن تقصير ولاية المجلس واللجوء إلى انتخابات نيابية مبكرة يحتاج بطبيعة الحال إلى آلية دستورية وقانونية، فعلى صعيد تقصير ولاية المجلس، ذلك يلزمه قرار لحله، وهذا الأمر غير متوفر اليوم على الإطلاق، إضافة إلى شرط آخر هو تقصير ولايته عبر قانون عادي، ويحتاج إلى النصف زائداً واحداً، وهذا ما يُعدّ الطريقة الأسهل للوصول إلى الهدف، وبعدها يحدّد وزير الداخلية مهلة لإجراء الانتخابات النيابية المبكرة، لكن ذلك قد لا يحصل باعتبار أن البعض بدأ يتحدث عن التمديد للمجلس الحالي، وفق مراجع سياسية ودستورية وقانونية، وهو أمر غير متوفر، لأن الجميع يريدون حصول انتخابات نيابية مبكرة بعد عجز المجلس الحالي عن انتخاب رئيس وفشله في أمور كثيرة، ما يعني أن المسألة حتى الساعة غير واضحة المعالم على الإطلاق، من إجراء انتخابات نيابية مبكرة وصولاً للتمديد للمجلس الحالي، وربما يكون وارداً لأن ذلك هو قرار سياسي أكثر منه دستورياً وقانونياً، ما تبدّى في مراحل واستحقاقات عديدة.