مباحثات خارجية رفضاً للمماطلة بالـ1701 أو "تخفيفه تطبيقيّاً"

كلّما تأخّرت عجلة الوتيرة التطبيقية للقرار الدوليّ 1701 جنوب لبنان، تراكمت خشية قوى المعارضة اللبنانية من ارتداداتٍ غير محصورة الأضرار حربيّاً ووطنيّاً. وكانت تباطأت "الفَوْحَة البنّاءة" للمحادثات رغم كثرة المشاورات والطروحات التي بقيت عالقة على تخوم مستجدّات حرب غزّة. ويكمن أكثر ما يقلق المتحفّزين لبلورة القرار 1701 في المماطلة الوخيمة للمكوّنات المتصارعة على الحدود اللبنانية الجنوبية وبخاصّة محور "الممانعة" الذي لا يتلقّف أهمية تطبيق نقاطه. لكن، ثمة ما بات يشكّل مسألة أكثر ريبة على نطاق القوى السياسية اللبنانية الداعمة للقرار، لناحية الحديث الذي لا يخفت في الأروقة عن نوايا مبتغية البحث عن "شروط مخفّفة" لا تجعل "حزب الله" مضطراً للتراجع المتكامل في اتجاه شمالي الليطاني، إنّما الاكتفاء في إعادة تموضع لا يأخذ في الاعتبار المندرجات التي نصّ عليها القرار 1701.

وبحسب معطيات استقتها "النهار"، كان هاجس محاولة "تخفيف" تفاصيل القرار قد برز في خضمّ مباحثات حديثة جدّاً بين الوفد النيابيّ اللبنانيّ الموجود في الولايات المتحدة الأميركية وبين مسؤولين في الإدارة الأميركية. ويهدف نواب التكتلات المعارضة لـ"حزب الله" لأن يقطعوا المجال أمام شرذمة أو بعثرة القرار 1701، ما يضاف إلى توجّسهم الأساسي من الإبقاء على التأجيل المتفاقم لأهمية تطبيقه ما يجعل الاستفهامات أكثر نشوءاً حول الأسس النهائية التي يمكن أن يوافق عليها محور "الممانعة" في مرحلة مفاوضات لاحقة وأخيرة، في سعيه غير المتراجع لتحصيل بعض النقاط السياسية لمصلحته في نهاية المطاف عندما تضمحلّ المناوشات الحربية الناشبة جنوب لبنان.

إن أكثر ما يجعل الذين يأخذون على عاتقهم المناداة في ضرورة التطبيق العاجل للقرار 1701 يسرعون في الحثّ على تنفيذ بنوده الكاملة، أجواء متداولة في المجالس السياسية عن اقتراحات يحاول محور "الممانعة" التمهيد للاكتفاء بها في مرحلة لاحقة كالحديث عن تراجع جزئيّ يتراوح ما بين 8 و10 كيلومترات عن الحدود اللبنانية الجنوبية من دون العمل على تنفيذ الحذافير الكاملة للقرار الدولي، ما يعني السعي لتسوية شكليّة مع ضمانات سياسية للجانب الإسرائيلي لا تأخذ في الاعتبار تطبيق نصّ القرار الذي كان أنتج بعد محاولات حثيثة هادفة لإنهاء الحرب عام 2006، والذي طبّق في مرحلة أولى حينذاك قبل أن ينخفض تنفيذه تدريجاً على مدى السنوات المتلاحقة وصولاً إلى نموّ المظاهر المسلّحة التي كانت أدّت إلى اضمحلاله الكليّ حالياً بعد انخراط محور "الممانعة" في ما سميّ جبهة الإسناد لحركة "حماس" بعد اندلاع حرب غزّة. ويندّد الداعمون للقرار 1701 على المستوى اللبنانيّ في بروز أصوات تبحث عن التطبيق غير المتكامل للقرار والمحاولات غير الخافتة للعمل على تجاوز الدستور اللبنانيّ.

في غضون ذلك، وبعدما أعرب نواب المعارضة اللبنانية الذين يستكملون لقاءاتهم في الولايات المتحدة عن ضرورة التطبيق الكليّ للقرار 1701 أمام مسؤولين أميركيين، لا يزال يشكّل ذلك الملفّ عنواناً أساسيّاً للزيارة إضافة للبحث في كيفية التوصل إلى حلول تخفّف من تبعات ملف النزوح السوريّ.

داخليّاً، وبحسب التفاصيل التي يشير إليها من واكب لقاء معراب الذي نظّمته "القوات اللبنانية" واتخذ طابعاً وطنياً دعماً لتطبيق القرار 1701، إنّ الهدف الأساسي المتوخّى يكمن حالياً في التأكيد على وجود قوى سياسية أساسية في الداخل اللبناني ترفض حصر تفاوض الدولة اللبنانية بفريق "الممانعة" الذي يحاول الابتعاد عن شرط التطبيق الكليّ للقرار الدولي أمام الوفود الخارجية. وتوجّه قوى المعارضة رسالة أساسية من خلال تحريك "الرمال الراكدة" بهدف تطبيق القرار الدولي، في إشارتها إلى ضرورة أخذ توصياتها في الاعتبار للحث على تطبيق الـ1701 كاملاً، لا الاكتفاء في انسحاب جزئي للميليشيات المقاتلة عن الحدود اللبنانية الجنوبية. وهناك من يختصر ما يطمح لقاء معارب لتحقيقه في إعادة تولي الجيش اللبنانيّ منطقة جنوبي الليطاني إلى جانب قوات "اليونيفيل" حصراً على أن تكون منطقة خالية من سلاح الميليشيات كافة، إضافة إلى ضرورة منع نموّ المظاهر المسلّحة شمالي الليطاني مع الحرص على أهمية وجود إرادة دولية لتطبيق القرار 1701.

هناك أيضاً ما يثير محاذير الطامحين لتطبيق القرار 1701 لناحية تراجع أولوية الحديث في الداخل اللبناني عن ضرورة البلورة السريعة للقرار، مع تلويح البعض في اضمحلال القدرة على الحلّ إذا لم تكن هناك موافقة إيرانية إقليمية. وتحثّ قوى المعارضة على أهمية أن يحصل التفاوض الدوليّ مع السلطة التنفيذية المتمثلة في الحكومة اللبنانية التي لا بدّ أن تقوم بمسؤولياتها بعيداً عن تولي "حزب الله" اتخاذ القرار.

إن تطبيق كافة مندرجات القرار الدولي 1701، يشمل وقف العمليات القتالية بين المكونات المتصارعة في الجنوب اللبنانيّ ودعم الوقف الدائم لإطلاق النار، كما إيجاد منطقة بين الخط الأزرق ونهر الليطاني تكون خالية من أيّ مسلّحين ومعدات حربية وأسلحة عدا تلك التابعة للقوات المسلّحة اللبنانية الشرعية وقوّات "اليونيفيل"، مع ضرورة منع بيع أو توفير الأسلحة والمعدات العسكرية في لبنان إلاّ بما تسمح به الحكومة اللبنانية. ولا يمكن إغفال ما نصّ عليه القرار 1701 أيضاً لناحية التطبيق الكامل لبنود اتفاق الطائف والقرارين 1559 و1680. فهل سيكون لبنان أمام تطبيق للقرار بما يشمل تحديداً المنطقة الخالية من السلاح جنوبي الليطاني في مرحلة سريعة؟