مع تردي الوضع الاقتصادي في لبنان.. ما تداعيات "حرب محتملة" مع إسرائيل؟

مع وصول الاقتصاد اللبناني إلى حافة الانهيار، يحذر تقرير في صحيفة واشنطن بوست من أن أي حرب بين لبنان وإسرائيل ستكون تداعياتها كارثية. 

يشير التقرير إلى عدد من الشواهد التي يعيشها اللبنانيون حاليا ما بين انخفاض في أجور الجنود إلى درجة أن العديد منهم أصبحوا يعملون في وظائف جانبية مثل سائقين لصالح أوبر أو في خدمة صف السيارات، ومهاجمة غاضبين لمقرات بنوك للحصول على مدخراتهم، بل إن عاملين في الإسعاف والمطافئ أصبحوا يطلبون التبرع للاستمرار في تقديم الخدمات. 

ويعاني لبنان من انهيار اقتصادي كبير منذ أكثر من أربع سنوات بات معه معظم السكان دون خط الفقر، وفق البنك الدولي.

وانعكست تبعات الأزمة الاقتصادية غير المسبوقة على قطاعات البلاد المختلفة بما في ذلك قطاع البناء والبنى التحتية المتهالكة.

والآن يخشى عديد من المراقبين من أن تنزلق المناوشات المستمرة بين القوات الإسرائيلية وحزب الله المدعوم من إيران على طول الحدود الجنوبية للبنان إلى حرب أوسع نطاقا. 
فبعد أن نجا لبنان من حرب أهلية استمرت 15 عاما ومن صراع بين إسرائيل وحزب الله في عام 2006، فإن اللبنانيين أصبحوا الآن "منهكين"، بحسب أستاذ الاقتصاد في الجامعة الأميركية في بيروت، سيمون نعيمة. 

وتنقل عنه الصحيفة أن "الوضع مختلف تماما اليوم. ففي عام 2006، خلال الحرب الأخيرة مع إسرائيل، كان لدينا اقتصاد يعمل بكامل طاقته، وكان لدينا نظام مصرفي فعال يوفر الائتمان للقطاع الخاص ويساهم في النمو، وكانت لدينا حكومة، وكان لدينا رئيس". 

وتأتي التطورات الحالية، سواء الحرب والتداعيات الاقتصادية، في ظل أزمة سياسية حادة تتمثّل على وجه الخصوص بشغور منصب رئيس الجمهورية منذ أكثر من 15 شهرا، ووجود حكومة تصريف أعمال تحول الانقسامات السياسية والقوانين دون أداء مهامها بشكل فاعل، ما يؤدي الى شلل شبه كامل على صعيد اتخاذ القرار.

وفقدت العملة أكثر من 90 في المئة من قيمتها منذ عام 2019، ولا تسمح المصارف للمودعين بسحب أموالهم بالكامل. 

في السابع من يناير، رأى المسافرون عبر مطار بيروت أن شاشات الوصول والمغادرة تحولت إلى عرض رسالة موجهة إلى زعيم حزب الله حسن نصر الله، متهمة إياه بتعريض البلاد لخطر خوض حرب شاملة مع إسرائيل.

وشددت الرسالة على الخوف العميق من أن المواجهة الحالية بين حزب الله وإسرائيل يمكن أن تنفجر إلى حرب جديدة، وأظهرت مدى سهولة اختراق أنظمة النقل الحيوية.
يشير نعيمة إلى أن لبنان تلقى في عام 2006 دعما من الدول العربية، وخاصة دول الخليج العربي الغنية بالنفط، لإعادة الإعمار بعد انتهاء تلك الحرب. 

لكن الحال اليوم مختلف، حيث توترت العلاقات مع دول الخليج بسبب الوجود الإقليمي المتزايد لحزب الله، وتفاقم التوتر بسبب الافتقار العام إلى الاهتمام بلبنان بين القادة الخليجيين الشباب.

وبحسب نعيمة، فإن ما أبقى الاقتصاد اللبناني مستمرا دون الانهيار الكامل، هو دعم اللبنانيين المغتربين وتحويلاتهم المالية، "هذا هو المصدر الرئيسي للعملة الأجنبية اليوم إلى جانب عائدات السياحة الضئيلة". 

وقدرت دراسة للأمم المتحدة صدرت عام 2023 أن التحويلات المالية من المغتربين، التي تبلغ في المتوسط 6.5 مليار دولار سنويا، تمثل أكثر من ثلث الناتج المحلي الإجمالي.

ولكن إذا اندلعت حرب شاملة، "سيصبح من الصعب للغاية على المغتربين اللبنانيين مواصلة إرسال التحويلات المالية من الخارج" وفقا لنعيمة. 

ويشتكي رئيس الدفاع المدني في الجنوب، حسن فقيه، من عدم وجود المعدات اللازمة لإنقاذ أي شخص من تحت الأنقاض، فضلا عن أنه تحت الوطأة المالية، أصبحت الرواتب عديمة القيمة بعد أن فقدت العملة المحلية معظم قيمتها، مؤكدا أن أي حرب واسعة "ستؤثر بالتأكيد على عملنا بقدراتنا المحدودة".

وقال نعيمة: "حتى لو لم تندلع الحرب في نهاية المطاف، فإن الانهيار الاقتصادي والمالي لا يزال ممكنا". 

ويضيف: "بالإضافة إلى ما يحدث في الجنوب من اشتباكات بين إسرائيل وحزب الله، فإنه لم يتم تطبيق أي إصلاحات منذ اندلاع الأزمة المالية في عام 2019 ولم يتم فعل أي شيء للتعامل مع الأزمة، لذلك فإن الاقتصاد لا يزال على طريق التعرض للانهيار الكامل".