ملء شغور الرئاسة بالوزراء الـ24 لتمديد الفراغ أم إسقاط التمديد لعون؟

لم يكن الاجتماع التشاوري الذي انعقد في السرايا الحكومية اول من امس برئاسة رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي وحضور عدد من الوزراء بمن فيهم وزراء "التيار الوطني الحر" المقاطعون اساساً للجلسات الحكومية، بما حفل به من سجال بين ميقاتي ووزير الدفاع موريس سليم، إلا مؤشراً لما ستكون عليه الجلسات الحكومية في المرحلة المقبلة، بعدما قرر التيار العوني العودة الى الساحة الحكومية من باب تعطيل الجلسات بهدف زيادة الضغط تثبيتاً لموقفه الرافض ان تستعيد حكومة تصريف اعمال عملها في شكل طبيعي في غياب رئيس الجمهورية.

هذا التوجه عكسه وإنْ في شكل غير مباشر وزير الشؤون الاجتماعية هيكتور حجار عندما قال في حديث تلفزيوني امس، إنه لن يشارك في أيّ جلسة لمجلس الوزراء ما لم يشارك فيها الـ 24 وزيراً ويوقّع على قراراتها الـ 24 مجتمعين، كاشفاً ان الطعن بالمراسيم الصادرة حقّ دستوري له وسيلجأ اليه.

هل هذا يعني ان التيار يتجه للعودة الى المطالبة بأن يمارس الوزراء الـ 24 مجتمعين صلاحيات رئيس الجمهورية في غيابه، كما حصل في حكومة الرئيس تمام سلام، وهل يعبّر كلام حجار عن موقف التيار وتوجّهه أم هو نابع من رأي شخصي؟

بحسب المراقبين لمواقف رئيس التيار النائب جبران باسيل امام مَن زارهم خلال جولته الاخيرة، لم تكن تلك المواقف تؤشر أو تصب في هذا الاتجاه، بل على العكس لم يسمع منه أيّ من محدثيه كلاماً عن عدم اعتراض التيار على اي جلسة حكومية تُعقد لملء الفراغ في المؤسسة العسكرية، لجهة تعيين قائد جديد للجيش ورئيس اركان واستكمال المجلس العسكري، مع اشارة باسيل الى ان لدى ميقاتي نصابا كاملا لجلسة كهذه، إن بالثلثين أو بالنصف زائدا واحدا، وبالتالي هو لا يحتاج الى وزراء التيار لاكتمال نصاب جلسات الحكومة.

لكن المفارقة ما بين كلام باسيل وما يطرحه حجار، هي ان ثمة تناقضاً واضحاً لا يعكس توجهاً موحداً في مقاربة الجلسات الحكومية، خصوصاً اذا ما تم عطف موقف الرجلين على موقف وزير الدفاع في الاجتماع التشاوري، وخلافه مع ميقاتي. فالأول اعلن اعتراضه على تجاوز رئاسة مجلس الوزراء لصلاحياته، وذلك عبر ارسال ميقاتي اقتراح التمديد لقائد الجيش له ولوزير الدفاع، كون هكذا اقتراح يجب ان يصدر عن وزير الدفاع نفسه. والواقع وبحسب قانون الدفاع ان لوزير الدفاع وحده الحق ومن دون العودة الى مجلس الوزراء في اتخاذ قرار بما يُعرف بتأجيل تسريح وليس تمديد ولاية، لفترة يحددها القرار وفقاً للظروف الاستثنائية التي حتمت اللجوء الى اتخاذ هذا الاجراء.

وفي الحالة القائمة اليوم، فإن الظرف الاستثنائي الذي تمر فيه البلاد امنياً وعسكرياً وسياسياً تحت وطأة التهديدات بتوسع الاعتداءات الاسرائيلية الى حرب على لبنان، يحتم اللجوء فوراً وقبل انتهاء ولاية قائد الجيش الى اتخاذ اجراء استباقي لمنع الشغور عبر تعيين رئيس جديد للاركان، باعتبار ان هذا الموقع يحل محل القائد في حال الشغور، والى تأجيل تسريح القائد.

لكن المشكلة التي تواجه وزير الدفاع وتمنعه من المبادرة الى حل الازمة المستجدة وممارسة صلاحياته تكمن في ان تياره السياسي يعارض التمديد لعون، وبالتالي، لن يقدِم على أي خطوة في هذا الشأن، بل يدفع في اتجاه تعيين قائد جديد للجيش. والسؤال المطروح اليوم: لماذا لا يعمد وزير الدفاع الى تقديم اقتراح الى مجلس الوزراء بتعيين قائد ورئيس اركان واعضاء المجلس العسكري، مادام هذا هو مطلب باسيل، أو ان القطبة المخفية تكمن في تعذّر الاتفاق على اسم المرشح لقيادة الجيش في ظل تمسك كل من رئيسي المجلس والحكومة بالتمديد لعون، فيما يدفع التيار في اتجاه الشغور الكامل بحيث يتولى العضو المتفرغ في المجلس العسكري اللواء بيار صعب القيادة؟

لا يزال هذا الخيار سارياً في الاوساط العونية التي تردد في مجالسها الخاصة انها ستسترد قيادة الجيش في العاشر من كانون الثاني المقبل، أي بعد انتهاء ولاية عون!

لكن ميقاتي لا يقف متفرجاً بل يستمر في مساعيه لحل المشكلة قبل وقوعها بالتنسيق مع رئيس المجلس.

على خط موازٍ، افادت المعلومات المتوافرة ان النائب غسان سكاف الذي التقى ميقاتي وقائد الجيش في اطار مسعى يقوم به من اجل تفادي الشغور في قيادة الجيش، تحدث عن اعتزامه التقدم باقتراح قانون بالتمديد لعون لإقراره في المجلس النيابي. لكنه وبعدما أعدّ الاقتراح واسبابه الموجبة وهي باتت معروفة، يتريث في تقديمه بانتظار مزيد من المشاورات وترقّب ما اذا كان ثمة حل عبر الحكومة قبل الذهاب الى المجلس النيابي.