ملف المرفأ "يغلي".. ومعركة كبيرة حول منصب المدعي العام

لا جديد في قضية تفجير المرفأ، لكن الشارع اللبناني يقف مرة أخرى احتجاجاً على حال القضاء اللبناني. وأهالي ضحايا المرفأ، المتضررون من توقف التحقيقات منذ عام 2021، قرروا إحياء الوقفات الاحتجاجية خلال الأيام المقبلة.

"غليان الملفات"
القضاء اللبناني يغلي، وسط محاولات مستمرة من أهل القضاء لإخفاء "وهج" الجمر الذي يهدد قصر عدل بيروت، على الأقل في ملفين شديدي الحساسية: انفجار الرابع من آب، وهوية المدعي العام التمييزي الجديد الذي سيخلف القاضي غسان عويدات.

منذ أيام، حركت قضية المرفأ الرأي العام، وتململ الشارع اللبناني من قضاة النيابة العامة التمييزية، بعدما "أوقف" القاضي صبوح سليمان مذكرة التوقيف الغيابية التي أصدرها المحقق العدلي، طارق البيطار، بحق الوزير السابق يوسف فنيانوس، تمامًا كما "أوقف" القاضي عماد قبلان مذكرة التوقيف الصادرة بحق الوزير السابق علي حسن خليل.

"طعن القرار"
في هذا السياق، اعتبر النائب إبراهيم منيمنة أن ما أقدمت عليه النيابة العامة التمييزية كان مخالفًا للقانون، وتوجه بالسؤال لوزير العدل في حكومة تصريف الأعمال، القاضي هنري الخوري، طالبًا منه تأكيد صحة هذا القرار، وتقديم توضيحات حول الآلية التي اختُرق فيها القانون بهذا الشكل، معتبرًا أن هكذا خطوة تعد استكمالًا لمحاولات "تطيير التحقيق" في ملف المرفأ.

وعلّقت مصادر قضائية رفيعة في حديثها لـ"المدن" أن النيابة العامة التمييزية لم تسترد مذكرات التوقيف الغيابية، إنما أوقفت تنفيذها فقط. وهذا الإجراء كان نتيجة الطلبين المقدمين من فنيانوس لوقف تنفيذ المذكرة.

وجاء القرار نتيجة اعتبار أن المحقق العدلي خالف بعض مواد القانون ومن بينهم المادتين 73 و363 من أصول محاكمات جزائية وأغفل الأصول المفروضة تحت طائلة الإبطال، وخالف مقتضيات البند الثالث من المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.  

وعليه، علمت "المدن" أن أهالي ضحايا المرفأ يتجهزون لوقفة احتجاجية أمام قصر عدل بيروت يوم الثلاثاء المقبل، وأن مكتب الادعاء سيتجه إلى تقديم طعن بقرار وقف تنفيذ مذكرة التوقيف بحق فنيانوس، كما أعلنوا عن توجههم للمقررين الخاصين للأمم المتحدة للطلب منهم مراسلة الدولة اللبنانية في هذا الخصوص.

صراع طائفي
من جهة أخرى، المعروف أن المدعي العام التمييزي هو رئيس النيابات العامة والضابطة العدلية في كل لبنان، ومع اقتراب موعد إحالة عويدات إلى التقاعد باتت الأمور أكثر تعقيدًا، نظرًا لحالة التوجس الحاصلة حول اسم المدعي العام الجديد وآلية تعاطيه مع قضية المرفأ (خصوصًا في حال تمكن البيطار من العودة إلى ملفه) وباقي القضايا الحساسة.

شهر كامل يفصل عويدات عن إحالته إلى التقاعد. ولا تُخفي المصادر بأن هذا المنصب قد يتحول إلى معركة قضائية كبيرة، لأنه يتخذ صبغة طائفية لكونه من حصة الطائفة السنية. في قصر عدل بيروت، همس متواصل حول اسم وطائفة المدعي العام الجديد، خصوصًا أن بازار الأسماء لم يعد محصورًا بالطائفة السنية، بعد ظهور أسماء القاضية ندى دكروب، القاضي غسان خوري، والقاضي علي إبراهيم.

تؤكد مصادر قضائية رفيعة لـ"المدن" أن البحث قائم بين أهل القضاء لاعتماد الآلية المناسبة، ولكنها لم تُخف بأن الخيارات مفتوحة لتجنب الشغور بالنيابة العامة التمييزية، نظرًا لحساسية هذا المنصب. وتحدثت المصادر عن تشاور جدّي بين السلطة السياسية لإيجاد المخرج اللازم، وتحديدًا بين رئيس مجلس النواب، نبيه برّي، ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي. وتابعت المصادر أن الوقت صار ضيقًا جدًا، لذلك فإن مجلس القضاء الأعلى يسعى إلى التباحث مع وزير العدل هنري الخوري لانتداب خلفٍ لعويدات.

ورجحت مصادر قضائية بارزة أن التشاور الحاصل بين وزير العدل ومجلس القضاء الأعلى قد يتجه إلى انتداب قاض من محكمة التمييز. وتوقعت أن يتولى القاضي جمال الحجار (من الطائفة السنية) منصب المدعي العام التمييزي بعد عويدات.

كما أكدت مصادر قضائية رفيعة في حديث لـ"المدن" أن القاضي سهيل عبود لن يسمح بشغور هذا المنصب، وسيتجه إلى تكليف القاضي الذي يراه مناسبًا من محكمة التمييز، في حال عدم تمكن مجلس الوزراء من تعيين أي قاض، وإن لم ينجح مجلس القضاء الأعلى ووزير العدل بانتداب أي اسم من قضاة محكمة التمييز، وإن لم يوافق القاضي الأعلى درجة في النيابة العامة التمييزية على تولي هذا المنصب.