موسم البطاطا العكّارية يقلب المعادلة

وصل سعر كيلو البطاطا في أسواق الخضار في الشمال إلى 60 ألف ليرة، أما في المحلات فكل بائع وقدرته و»الشاطر بشطارتو»، حتى وصل سعر الكيلو إلى حدود 100 ألف ليرة في بعضها.

إنقلبت الأدوار والمشاعر بين المزارع العكاري والمستهلك. فقبل أشهر، كان صوت المزارع مرتفعاً، ورمى البعض البطاطا احتجاجاً على تدنّي أسعارها. وكان يناشد وزير الزراعة ورئيس الحكومة ونواب المنطقة والمسؤولين، عدم إدخال البطاطا المصرية إلى الأسواق، لأنها تضرب الأسعار وتلحق به خسائر كبيرة.

في تلك الفترة من العام الماضي، كان كيلو البطاطا العكارية يباع بسعر يتراوح ما بين 8 و10 آلاف ليرة لبنانية، وفي أواخر الموسم وصل إلى حدود 15 ألف ليرة لبنانية. هذا بالنسبة إلى المزارع، أما بالنسبة إلى المستهلك أي المواطن العادي، فإنّ مصائبَ قومٍ عند قوم فوائد. فكان ربّ العائلة من غير المزارعين، يشتري كيس البطاطا (الشوال) كاملاً بحدود المئة ألف ليرة، وهذه أسعار كانت مناسبة تماماً لأرباب العائلات وذوي الدخل المحدود. كان المزارعون والتجّار في حالة غضب في آخر موسمين بسبب وجود البطاطا المصرية بكميات كبيرة في الأسواق اللبنانية، إلا أنّ ذلك كان بلا شك لصالح المواطن الذي كان يطير فرحاً، ذلك أنّ البطاطا هي الأكلة الأكثر شعبية والأكثر استهلاكاً لدى العائلات في مناطق الشمال.

في السياق يقول الحاج محمد طه من عكار: «عائلتي مؤلّفة من 8 أشخاص، ونحتاج في الأسبوع إلى كيسين من البطاطا أي ما يعادل 20 كيلوغراماً، ما يعني أنني أحتاج في الشهر الواحد إلى بطاطا بحدود مئة دولار بعدما فاق سعر الشوال المليون ليرة لبنانية. فمزارعو البطاطا والتجار لا يهمهم إلا أنفسهم، وكيف يحققون الأرباح، ولو كان ذلك على حساب المواطن ولقمة الفقير، وزير الزراعة جارى التجّار في مطالبهم فأوقف استيراد البطاطا المصرية لترتفع أسعار البطاطا المحلية وتتحوّل من أكلة الفقراء إلى أكلة الأغنياء».

أما المزارعون والتجّار فيؤكدون أنّ «البطاطا المصرية دخلت هذه السنة بكميات معقولة إلى لبنان ولو أقل من المواسم السابقة، وقد التزم وزير الزراعة هذه السنة بكميات محدّدة لم تسمح بإغراق الأسواق المحلية، وبالتالي حافظت البطاطا المحلية على أسعارها، حيث يتراوح سعر الكيلو ما بين 60 إلى 70 ألفاً للكيلو وهي أسعار معقولة في مثل هذه الظروف، وقد تعطي المزارعين بعض الأرباح «.

وبحسب المزارعين، فإن ارتفاع أسعار البطاطا سببه «استنكاف اليد العاملة السورية عن العمل بسبب الإجراءات التي تفرضها الأجهزة الأمنية على النازحين لجهة تسوية أوضاعهم في لبنان»، و»الزيادات لم تطل فقط البطاطا، بل العديد من المواسم الأخرى، فلماذا التركيز فقط على مزارعي البطاطا؟».

المستهلكون يرفضون هذا الكلام مؤكدين أن «العمّال السوريين لا يزالون يعملون في الأراضي الزراعية في عكار كالمعتاد. ففي عكار النازح مرتاح، وليس هناك من يضغط عليه، كما في باقي المناطق، وإذا ما كان هناك ارتفاع حصل فسببه المزارعون والتجّار الذين أوقفوا استيراد البطاطا المصرية ويحاولون مدّ الأسواق بالبطاطا بكميات أقل من الطلب، مع تخزين كميات أخرى ليستمروا في الإبقاء على الأسعار بهذا الارتفاع أكثر وقتٍ ممكن».

وفيما كانت عائلات شمالية تشتري البطاطا بالأكياس وتخزّنها بكميات كبيرة في المنازل، باتت تشتريها اليوم بالكيلو، وهو أمر مستجدّ عليهم، إذ إنّ ارتفاع أسعارها جعل كثيرين يقتصدون في شرائها واستهلاكها.