هل تفادَت إيران ضربة ترامبية لأراضيها بتهريب مكوّنات من برنامجها النووي الى الخارج ؟!

ينشغل العالم بتقلّبات الأيام التي تسبق رحيل إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب من "البيت الأبيض"، ودخول إدارة الرئيس المُنتَخَب جو بايدن صُلب المشهد الأميركي والدولي. ولكن تبقى العين شاخصة الى تنامي القدرات النووية الإيرانية، ولا سيّما منذ الأسابيع القليلة الماضية. 

"مكوّنات" نووية

وإذا كانت الهجمات الإسرائيلية على سوريا من مسلّمات الإتفاقات الأمنية الأميركية - الروسية - الإسرائيلية، إلا أن ترسيم حدود مستقبلها خلال ولاية بايدن قد يكون بدأ بالهجمات التي حصلت ليل 12 - 13 الجاري، خصوصاً على مستوى الإعلان عن سقوط عدد كبير من القتلى، وعن أنها استهدفت تدمير "مكوّنات" ومعدّات تدعم البرنامج النووي الإيراني، خزّنتها إيران في سوريا. بالإضافة الى سلسلة من المستودعات كانت تُستَخدَم في خطّ أنابيب لتخزين الأسلحة الإيرانية وتجهيزها. 

بلا حدود

ومهما اختلفت التوصيفات لما جرى، إلا أن ما تردّد من معلومات أمنية عن أن الهجوم نُفِّذَ جوّاً، ومن داخل المجال الجوّي العراقي، يعني أن حدود العمل الإسرائيلي في سوريا ستشهد "ترسيماً" جديداً في المستقبل، خصوصاً إذا كانت الهجمات الأخيرة مُوازِيَة لقصف أحد المفاعلات النووية الإيرانية، على أرض أجنبية، هي سوريا، ولا سيّما إذا كان هذا البرنامج ومواده و"مكوّناته" بات مثل شبكات الصّواريخ الإيرانية المنتشرة في عدد من دول المنطقة، أي بلا حدود فعلية، وغير محصورة بالأراضي الإيرانية.

فهل قامت طهران في وقت سابق، بتهريب بعض "مكوّنات" برنامجها النووي الى خارج حدودها، بهدف حماية أراضيها من ضربة "ترامبية"؟

عنوان

رأى مدير "المنتدى الإقليمي للدّراسات والإستشارات، العميد الركن خالد حماده، أن "ضرب البنية التحتية الخاصّة بإيران في سوريا، بات تحت عنوان وقف البرنامج النووي العسكري الإيراني".

وأشار في حديث لوكالة "أخبار اليوم" الى أن "ضمان استمرارية الغارات الإسرائيلية لتصفية الأهداف الايرانية في سوريا مستقبلاً، خلال عهد بايدن، يحتاج الى عنوان يوافق عليه الجميع، وهو مَنْع إيران من امتلاك قدرات نووية عسكرية". 

صواريخ

ولفت حماده الى أنه "الى جانب التركيز على البنية التحتية الإيرانية في سوريا، يصبّ الإسرائيليون اهتمامهم أيضاً على استهداف مخازن الصواريخ التقليدية غير الدّقيقة تماماً، لأنها تُنهِك منظومات "القبّة الحديدية" الإسرائيلية".

وأوضح:"هذا النّوع من الصّواريخ، تُفقَد السيطرة عليه بعد إطلاقه. ويُقصَف بكميات كبيرة جدّاً، في العادة، فيتوزّع عشوائياً، وهو ما يجعل منظومات "القبّة الحديدية" مُربَكَة في التعامُل معه، فيسقط الكثير منه في الميدان". 

90  في المئة

وعن إمكانية امتلاك إيران قدرات نووية عسكرية قريباً، بموازاة رفعها نسبة تخصيب الأورانيوم، شدّد حماده على أنه "بمجرّد بلوغ نسبة تخصيب تفوق الـ 20 في المئة، فهذا يعني أنه يُمكنها تصنيع سلاح نووي في غضون ثلاثة أشهر. كما يُمكنها خلال أشهر قليلة لاحقاً، أن تصل الى نسبة تخصيب 90 في المئة".

وأوضح:"عندما تمتلك إيران ذخيرة نووية، جاهزة للإستخدام في الصواريخ، يتحوّل الإهتمام في تلك الحالة الى دقّة الصاروخ الذي سيحمل رأسه الحشوة النووية المتفجِّرَة". 

ممكن؟

وردّاً على سؤال حول إمكانية أن تُوَجَّه ضربة دولية، وليس أميركية أو إسرائيلية حصراً، للقدرات النووية الإيرانية، في مثل تلك الحالة، أجاب حماده:"كل شيء ممكن. وهنا نُلفِت الى أن التطبيع العربي - الإسرائيلي يمكنه أن يتطوّر الى نوع من تحالف عسكري، يلتقي على محاربة التهديد الإيراني. وهو ما سيجعل القدرات العسكرية الخليجية والمصرية، تتحوّل مع الإسرائيلية، الى مجهود عسكري مُوحَّد".

وعن إمكانية أن تصمت تركيا طويلاً عن "إيران نووية" على حدودها مستقبلاً، على ضوء تقلّبات أنقرة مع "الناتو"، ومطالبتها بالتكنولوجيا الروسية المتعلّقة بصواريخ "إس - 400"، أكد أن "لا مخاوف تركية من إيران. ولكن نظراً الى كونها (تركيا) في "الناتو"، سيُنظَر الى ما يُمكنه أن يُسنَد إليها، أو يُطلَب منها من مهام مستقبلاً، وذلك بحسب علاقتها مع الإدارة الأميركية الجديدة، خصوصاً أنها أثبتت، رغم كل شيء، عدم رغبتها بإغضاب واشنطن، أو بعَدَم التعاون معها".

وختم:"المطالبة التركية بالتكنولوجيا العسكرية الروسية هي رسالة حول استعداد أنقرة لتمتين علاقاتها مع موسكو. فنقل التكنولوجيا العسكرية، سياسة تعتمدها الدول الكبرى. الولايات المتحدة مثلاً، تصنّع جزءاً من قطع طائراتها الحربية في تركيا. وهذا يعبّر عن رغبة بشراكة فعلية من جهة، ويؤسّس لتطوير المصالح الأميركية، من جهة أخرى".