هل لصراع البساتين ملاعب أخرى؟

رافقت ولادة الحلّ السحري مؤشرات عدة تركتْ علامات استفهام حول إذا كان صراع البساتين طوي بالكامل أم ستكون له تتمات ولو في ملاعب أخرى. وفي هذا الإطار، بدت الأسباب الموجبة لصدور كلمة السرّ بأن وقت اللعب على حافة الهاوية انتهى أكثر حضوراً في الكواليس السياسية من حسابات الربح والخسارة لكل من أطراف الصراع.

وتوقّفت أوساط مطلعة في هذا الإطار عند النقاط الآتية، أولاً إن شبكة المخاطر المالية التي تزداد وطأتُها وبوتيرة متسارعة شكلت جزءاً أساسياً من المسْرح الخلْفي للانفراج، وذلك في محاولةٍ لتوجيه إشارة إيجابية للأسواق المالية الدولية ووكالات التصنيف علّها تفرمل ما تَرَدَّدَ عن اتجاهٍ لوكالة "ستاندرد اند بورز" لخفْض تصنيف لبنان الائتماني في تقريرها المرتقب في 23 الحالي، أو لتشكيل "شبكة أمان" تمتصّ أي صدمة قد يُحْدِثها خفْض التصنيف. وقد عبّر عن هذا البُعد التأهب المالي الذي شهده قصر بعبدا وقبله السرايا الحكومية يوم الجمعة.

وأضافت الأوساط المطلعة أن السبب الثاني هي "الرسالة ما فوق العادية" التي عَكَسَها بيان السفارة الأميركية حيال أي استهداف لجنبلاط عبر المسار القضائي و "تسييسه"، ما عَكَسَ طلائع تداعيات خارجية كبيرة ستترتّب على عدم سدّ "باب الريح" الذي بات يشكّله هذا الملف، وسط اعتبار البيان بمثابة "بطاقة صفراء" مفادها "جنبلاط خطّ أحمر" ولبنان "غير متروك" للّعب في توازناته الداخلية. علماً أن تقارير تحدثت عن أن الاتحاد الأوروبي كان يحضّر لبيان على نفس الموجة الأميركية، وهو ما كان من شأنه أن يضع مؤتمر سيدر في مهبّ الريح.

 

ثالثاً، نجح جنبلاط بتشكيل "حائط صدّ" قويّ أتاح له الصمود بوجه ما اعتبره مساراً أريد عبره كسره بخلفيات تتصل بتموضعه الإقليمي وخَرج من هذا الاختبار بنقاط ثمينة، هو الذي جرت ضغوط لأخْذه إلى المجلس العدلي بإصرارٍ من حزب الله وفريق عون بعد التصويت على ذلك في مجلس الوزراء (الأمر الذي وَقَفَ بوجهه الحريري وبري وحزب القوات اللبنانية)، وصولاً إلى معاندته ما اعتبره نسخة مُفَخَّخة للحل في ليلة القبض على التسوية والتلويح بالاستقالة من الحكومة قبل أن يعود الجميع إلى “الأرنب الأول” الذي كان بري طَرَحَه منذ نشوب الأزمة.

أما رابعاً حاجة الحريري، الذي يستعدّ للقيام بزيارة بالغة الأهمية لواشنطن، المتحفّزة لتوسيع مرحة العقوبات لتطال حلفاء لحزب الله، للإطلالةِ من عاصمة القرار الدولي وفي يده تعويمُ الحكومة العاطلة عن العمل وإنهاء الأزمة التي اشتمّت منها الولايات المتحدة وجود "سيف مصلت على رقبة جنبلاط"، وحدّ أدنى من الاستقرار السياسي في البلاد.

وفيما اعتبرتْ الأوساط نفسها أن استشعار أصحاب الحلّ والربط بأن الحبل الذي أريد له أن يلتفّ حول عنق جنبلاط كاد أن يُطْبِق على البلد، حَضَر في سلّة ضرورات الإسراع بالخروج من المأزق، تساءلتْ إذا كانت محاولة كسْر جنبلاط انتهتْ تحت وطأة العين الحمراء الأميركية، أم أن ما اعتُبر استدراجاً من زعيم التقدمي لحماية دولية سيعرّضه لمزيد من الضغوط عندما تحين الفرصة أو تسمح بذلك الموفّقية، وخصوصاً أن خصومه في البيت الدرزي ارسلان و وئام وهاب أطلوا أمس على مطلب قديم – جديد يتمثل في اقتطاع حصةٍ لهم من التعيينات الإدارية بالاتكاء على حلفائهم.