انتقاد جديد للحكومة من مقرّب...تنقصهم المعلميّة!

قد يكون أبرز ما تركته استقالة وزير الخارجية ناصيف حتي في المشهد العام، هو تثبيت نظرية أن أساس الأزمة في لبنان هي سياسية أكثر من تقنية.

ففي بيان الإستقالة، أكد حتي أنه حمل آمالاً كبيرة بالتغيير والإصلاح، ولكن الواقع أجهض جنين الأمل في صنع بدايات واعدة من رحم النهايات الصادمة، معتبراً أن "لبنان ينزلق للتحوّل الى دولة فاشلة لا سمح الله".

التخبّط التقني حول الأرقام، والذي ينعكس فشلاً في العلاقة مع "صندوق النّقد الدولي"، يشكّل بدوره الدّليل الأبرز على أن المشكلة اللّبنانية سياسية، ويؤكّد ضرورة توفّر ديبلوماسيّة لبنانية جديدة وجيّدة، تقود لبنان الى الطريق القويم، أي طريق تطبيق الإصلاحات، بموازاة النّهوض بالإقتصاد اللّبناني عبر توفير السُّبُل المطلوبة لتحييده عن كلّ الصّراعات الإقليمية، التي ستدمّر أي نواة إنتاجيّة حتى ولو وُجِدَت. فهذا هو الدّرع الصّاروخي الأوّل والأخير للبنان.

سلوك غير إصلاحي

اعتبر الوزير السابق فادي عبود أن "الذّهاب في طريق الإصلاحات لا يقتصر فقط على بناء ديبلوماسية قوية، بل يتوجّب وجود حكومة قوية، ووزارة داخلية قوية، واقتصاد قوي، وصناعة قوية، وزراعة قوية. والأخطاء الموجودة في لبنان لا تقتصر فقط على الملف الديبلوماسي". 

ولفت في حديث الى وكالة "أخبار اليوم" الى أن "سلوك الحكومة بعيد كلّ البعد من الموضوع الإصلاحي، والدليل على ذلك هو أن لا الحكومة ولا الوزارات، ولا حتى المجلس النيابي، يسعون بجديّة للوصول الى قانون فعال للشفافية المطلقة والبيانات المفتوحة، الذي من دونه لا يُمكن القيام بأي إصلاح".

وأشار الى "أننا نعطي مثلاً عن الإجراءات التي يجب أن تُتَّبَع للإستغناء عن خدمات العامل الأجنبي، وهي في كثير منها تعبّر عن شروط تعرقل تسهيل القيام بذلك من أجل إفساح مجالات فرص العمل للّبنانيين. فهل من الممكن الإبتعاد عن عابدي النّصوص وإجراءاتهم، لبدء إيجاد الحلول لمشاكل كل الوزارات، ولتأمين الإبقاء على كل دولار داخل لبنان؟".

"المعلّمية"

وشدّد على أن "الحلول اللّبنانية لا تقتصر على الشقّ الديبلوماسي فقط، إذ إن كثيراً من الإجراءات القديمة لا تزال موجودة الى اليوم، وهي لا علاقة لها بالإصلاحات أو ببناء الإقتصاد، وكأنّنا لسنا في هذه المرحلة من تاريخ بلدنا".

وردّاً على سؤال حول كيفية بناء اقتصاد منتج، ومعالجة ملف النزوح السوري، فيما لبنان ساحة ممكنة لردود حربية إقليمية يُمكنها أن تقضي على أي إنتاج بسرعة، وبموازاة مناداة بانفتاح على سوريا من خارج أي مظلّة دولية، وهو ما يؤذي الإقتصاد، أجاب عبود:"هذا صحيح. ولكن الشقّ الديبلوماسي منه له شروطه، التي يجب تنفيذها سواء على صعيد سوريا، أو غيرها".

وأوضح:"عندما نبني علاقة مع شرق أو غرب، يجب النّظر الى الآثار الإقتصادية وغير الإقتصادية لذلك. وهذا موضوع يتوجب التعامل معه بطريقة ذكية، هي غير موجودة مع الأسف. فأي تعاطٍ مع السوريين، لا بدّ له من أن يأخذ في الاعتبار وجود قوانين عقوبات واضحة يُمكنها أن ترتدّ على لبنان بإجراءات لا يُمكنه أن يتحمّلها".

وختم:"في تلك الحالة، نتحدّث عن ضرورة توفّر نظرة ديبلوماسية، وأخرى إقتصادية، بعقلية اختصاصيين. أخلاقياً، لا مآخذ على أي وزير في الحكومة، ولكن تنقصهم "المعلّمية"، مع الأسف الشديد".